الحوار المتجدد
شيء .. انتحر على صفحات الماضي
د. مازن حمدونه
من يملك قرارك .. بقاءك وذهابك .. فرحيلك لم يعد يمنحك العودة من جديد ؟!
لن ادعك تطفئ قناديل عزى على أبواب خماراتك .. معبدك الشيطاني .. لن ألبى دعواتك المأزومة المشبعة بأحزان الماضي بفجور تاريخك المأفون .
أيها الغائب من وجداني .. من عقلي .. من حاضري .. أنت لم تعد أكثر من غبار الماضي . كلمات من صفحات كتاب لم تكتمل فصوله ..
كنت رقما بلا عدد .. كلمات .. مفردات بلا معان ٍ ..بلا نظم .. ورقة مزقتها الرياح العاتية .. قلما بلا مداد .. كعلبة دواء بلا أمصال .. بلا حبات.. قلما بلا مداد !!
لن أمنحك من مفرداتي .. من شعري .. أكثر من كلمات وداعك الأخير .. لن اشبع غرورك المتأصل في الماضي البعيد .. المتجذر تحت الصبار في صحراء الوجد !!
لم تعد لك مكانة في صلواتي .. في عباداتي .. في سهري .. فأنت أصبحت في سفر عودته يوم الوعيد ولن تكون غيره !!
لن تعود في ذاكرتي .. في كراريسي .. في ألوان رسمي .. فرحيلك اكتمل مشهده الأول منذ غجريتك .. فجورك.. فلا مكان عندي لعشاق الموت .. لأصحاب السواد ..
لا عتاب على جنونك .. أحقادك.. كرامتك .. أخلاقك فقد كان رحيلك مبكرا منذ ذلك الشتاء القارص .. في زوبعة الرياح .. في تشرين .. وفي فوضى بعثرتها من قبل رياح الخماسين !!
لقد صلت عليك كل أهل الفكر .. الأخلاق .. العبادات .. صلاة الغائب ، وأصبحت صورتك حالة تهجى في المعابد .. في أروقة الأدب ، على موائد اللعنة .. تسخر منك الإنس والجن والملائكة .. فهذه شواهد قبرك كللتها روائح الشياطين .
لم يعد أمامي سوى غبارك الماضي العابر في لحظات .. ولم يكن منك سوى سرابا في عتمة الليل تزيحه آيات القرآن .. فلم تعد لكثر من آهات المرض قبل الشفاء الأخير !!
مازال اسمك غصة كالخنجر المغروس في عظام الجريح ، وحروفه مفردات من الأسى ماضية بين هرطقة وخزعبلات المرائين ،المداهنين والمنكفئين على موائد تحيط بها الكروش !!
هؤلاء البؤساء .. الأشقياء داست وجوهم أحذية الماجدين والماجدات .. فبت رجسا كلما مررت بذاكرتهم .. فبت كدعاة البغي في الأرض كاللص بلا قفازات .. كالملاحدة في صلاتهم بلا وضوء !! لم تستر عوراتهم كل تواريهم من خلف الرياء ..كلما نبت اسمك على السنة التائهين ، لعنتك السنة النبلاء .. العلماء .. الجهلاء ..حتى طبعوا صورة لك على أبواب الفجر والمجون فلم تعد لك ذكرى سوى انك خنجرا في خاصرة مريض كان على فراش الانعاش وقضى ..
لو سألني عنك الغنى والفقير .. فلن يكون فخري سوى انك رحلت من ذاكرتي .. ولم اعد اذكر شيئا من ماضيك .
فأنت مازلت الفراغ الذي لا تسكنه أرواح .. لم يعد لك منى سوى هذه الكلمات التي لن تتكرر بعد هذا الرحيل ..!!..