داخل أسوار الجامعة الإسلامية انتهاك فاضح للحيادية والموضوعية العلمية
د.مازن حمدونه
كتب "منير احمد" على موقع شبكة أمد الإعلامية بتاريخ 22/3/2008 م، ما هو مثير للاهتمام بعنوان "ملخص بحث:دور عملاء الاحتلال في مرحلة التحذيرات الغير جدية" وهو احد خريجي الجامعة الإسلامية . ومن باب تخصصي العلمي تناول بحثا في مجال جريمة الخيانة العظمى . كنت قد أمضيت سنوات عجاف أنقب في كل حدب وصوب ، في كل دورية ومجلة ، كل كتاب ، مواقع شبكة الانترنت ، مقابلات ميدانية ، استمارات ... اختبارات سيكولوجية معمقة .. مقابلات للعملاء في السجون .. الاطلاع على ملفات التحقيق، كل هذا لنؤسس علما يبنى على الحيادية والموضوعية لدراسة ظاهرة جريمة الخيانة العظمى المتفشية في المجتمع الفلسطيني .. العوامل ..والدوافع والأسباب وظروفها العامة والخاصة ، هدفا وحيدا كرسنا كل الجهد والعرق من اجل وضع آليات مكافحة جريمة الخيانة العظمى. وشاركني المعاناة احد الإخوة المناضلين د. اللواء / خضر عباس في تلك الحقبة، وكانت باكورة العمل في هذا المجال على مستوى الوطن العربي . واستطعت أن أضع حجر الأساس لعلم النفس الأمني مستندا على نظريات علمية محكمة تدرس وتقارن بين شخصية العميل ، والمجرم والمناضل ، علما بأن من بين لجان التحقق العلمي والتحكيم أساتذة عظام من الجامعة الإسلامية نفسها .
كم أدهشني تناول الباحث "منير احمد " لقضية العمالة في المجتمع الفلسطيني ، كم أصابني بالأسى والحزن وخيبة الأمل . شعرت ان هناك مأزقا أخلاقيا يمارس باسم العلم داخل أسوار الجامعة الإسلامية ، ومازال مجتمعنا يسيس العلم لأغراض حزبية ضيقة تتنافى والقيم الأخلاقية تماما ، وليس إرضاءاً لوجه لله تعالى ، ولا تحقيقا لنعمة صدقة جارية تغدق على صاحبها أمام الله وتنفعه في عتمة ووحشة القبر .. حين يتحول الإنسان إلى أداه من أدوات السلطة والحكام ، يجود عليهم بالنفاق والرياء ابتغاء الإغداق علي هؤلاء الباحثين بمنصب هنا أو هناك .
أقدم لجميع القراء والباحثين في مجال البحث العلمي مجموعة من الاقتباسات التي وردت في ملخصه :
اقتباس من مقدمة ما نشره على موقع أمد " لم تكن ظاهرة العمالة جديدة في المجتمع الفلسطيني ،وظهرت بوادرها الأولى منذ الاستيلاء اليهودي على فلسطين عام 1948 واستمرت وتوسعت بعد مجيء السلطة الفلسطينية وهذه الظاهرة تمثل أكبر خطر يتهدد المجتمع الفلسطيني" .
بنظرة سريعة عندما تقول ظاهرة العمالة ،ما هو المقصود بالعمالة ؟ هل العمالة جريمة ؟ وهل كل عميل مجرم ؟ وهل كل جاسوس عميل مجرم ؟ وهل كل عميل خائن ؟ وهل كل جاسوس خائن ؟ وما هو الفرق بين الجاسوس والعميل ؟
أسئلة كثيرة يبدو انك لم ترهق نفسك ومشرفك وحتى لجنة المناقشة كانت على ما يبدو في عجالة من أمرها لنشر العلم المسيس ، لتشويه أخلاق العلم ...الخ
ومن قال لك بأن ظاهرة العمالة ودعني اتفق معك جدلا في فهم المضمون رغم اختلافي معك في عرض الموضوع وادعاء موضوعيته علميا ، ان ظاهرة عمالة جريمة الخيانة العظمى ، وهي هكذا توصف ، بوادرها قديما منذ عام 1948 م ولم تكن عام 1936 م ؟ ولماذا كرمت الشعب الفلسطيني بتحديد الظاهرة في فلسطين فقط
اقتباس من بحثه " وهذا البحث يهدف إلى بيان خطورة هذه الظاهرة التي تفشت في المجتمع الفلسطيني وقد أستند الباحث في بحثه على جمع مادته العلمية من مقابلات أجريت مع خبراء مختصين وبيانات منشورة. حيث اتضح أن عدد العملاء في داخل المجتمع الفلسطيني وخارجه يصل إلى ما نسبته 3% من عدد سكان فلسطين في الداخل والخارج .وهذه النسبة لم تصدر من جهة مسئولة أو رسمية وإنما جاءت بناء على توقعات استقرائية وهي نسبة لها معني كبير إذا ما وزعت على كافة شرائح المجتمع الفلسطيني
اعتبر الباحث في بحثه المزعوم ان ظاهرة العمالة والتي حدد نسبتها 3% ، وهي مثار تساؤل لدى كباحث في هذا المجال واضعا أمامه مجموعة من التساؤلات له ولمشرفه وللجنة المناقشة كي تتحلى بأخلاق مهنية ..
كيف حددت نسبة الظاهرة في المجتمع الفلسطيني بهذا الشكل ؟! فهل ظاهرة جريمة الخيانة العظمى يمكن حصرها إحصائيا ، فهل ظاهرة عملاء جريمة الخيانة العظمى علنية ام سرية كي نحصر أرقامها بهذا الشكل .. هل توجه لك كل العملاء مقدمين لك بياناتهم الشخصية كي تحدد نسبتهم بطريقة إحصائية ؟! الا تعلم ان النسبة لا يعلم بها الا الله وجهاز "الشين بيت " بمعنى الأمن الداخلي ، وجهاز الموساد الإسرائيلي الأمن الخارجي !
يا عزيزي تدعي ان هذه البيانات حصلت عليها على مستوى داخل فلسطين وخارجه !! أليس هذا بالأمر العجيب ! ألا تعتبر نفسك أنت ومشرف بحثك قد تجنيت على العلم حين تدعي انك استندت في تقدير نسبة العملاء داخل وخارج فلسطين بناء على تقدير خبراء مختصين وبيانات منشورة!
أي بيانات منشورة في هذا الأمر وهي ظاهرة تستند إلى السرية وما يكشف منها إلا القليل النادر ، فهل جمعت عدد العملاء غير المكشوفين أيضا في الداخل والخارج ؟!
وحين تدعي انك لجأت إلى خبراء مختصين ، من أين جئت بالخبراء المختصين ؟ ومن قال لك بأن الخبير هو من حقق مع عميل بهذه الجريمة !
اقتباس أخر في عرضه للموضوع : ،وبالرغم من الانسحاب الرسمي للجيش الصهيوني من قطاع غزة عام 2005م لم يتغير دور العملاء وإزداد نفوذهم داخل أجهزة السلطة...
اعتقد جازما ان هذه العبارة لا تمرر هكذا في الأبحاث دون رقيب ، حتى الله لا ولن يغفر لعالم فاسد في أفكاره ، يريد تسويق أفكار حزبية ضيقة .. كيف تبين لك ان أجهزة السلطة الأمنية تعج بعملاء جريمة الخيانة العظمى ؟! فهل هذا له علاقة بأخلاق العلم من الناحية الموضوعية؟ أم انه خدمة لتغطية على أزمة حزبية قد تكون مقاصدك فيها تبييض صفحة حركة أو مجموعة من عملاء تم ضبطهم كانت قد اخترقت مجموعة مقاومة مجاهدة بطريقة علمية على ايدى الموساد الإسرائيلي أو الشين بيت! أو لربما لك ولمشرفك وللجنة المناقشة مأرب أخر في تبرير الأزمة السياسية التي يعانى منها المجتمع الفلسطيني على خلفية الانقلاب العسكري الذي وقع حتى الأمس القريب !
بقية الفقرة من الاقتباس