ربوع الأدب السياسي
حوار التناظر مع الأديب الشاعر سميح القاسم
مشهد القصيدة عكاز الروح !!
د.مازن حمدونه
"احمد الزبن " اختزل التاريخ والمعاناة في سطور .. لوعت وجدانه ، مشاهد التاريخ العتيقة ، رائحة الجذور .. استرقت مسامعه خرير مياه تنساب حول الساق وتتغلغل صوب الجذور ، تراب الطرقات العتيقة ، هو لا يملك خريطة يستدل منها على الطرقات . طارت منه الكلمات .. فقد لغة الكلام ..عجز اللسان .. فقد فصاحة اللغة .. كالعاشق الذي في عذريته أمام مشهد العشق لمحبوبة يقدس لقياها هكذا يحدث مع كل المتيمين وتلوعهم فرقة المحبوب .. نحن ليس بمستوطنين جدد أوجدتنا الحروب بمحض الصدفة ..أو صنعتنا وقائع النصر والهزائم؛ فنحن التاريخ الذي سطرته عظام اجدادنا .. حتى اسألوا تراب الأرض فسيجيبكم ، ونحن الحاضر لا تحتاجون منا إجابة على استفهام .. وسنبقى نتوارث وصايا الجدود ، وانتم ستتوارثون ألما وغضب البقاء . نحن لم ترسم خارطة قريتنا ، ومدينتنا وصايا بلفور... فقد رسمته جغرافيا فجر التاريخ بسواعد الاجداد.
هو لم تضلله السنون أطلال الجدود .. لا يحتاج إلى خارطة طبعتها مطابع الأغراب وصانعي فواصل الحدود .. وهل الحاضر سينتج تاريخا لمن ليس له تاريخ ! .. قد نعيد مفاتيح المدينة والقرية غداً فهي مازالت ترقد في معصمي وتحت ثدي الجدة ، فهي تنتظر شروق الشمس بعد ان غابت وطال يوم الغروب. ترى الظل في مرقد تحت شجر الصبار .. أو شجر التين والبلوط .. أم غيبوا حقيقة التاريخ فأصبح الظل يظهر في يوم الغروب . حقا لوعتنا مرارة الفراق حتى لقبور الجدود .
لو سمع العالم صرخاتنا دون أن نصرخ .. وما رسمته آلام التاريخ على الوجه .. إننا نحن التاريخ وهم جاءوا كرعاة الأبقار .. لغات وألوان ومشارب .. لم تعهدها الجذور .
القصيدة عكاز الروح ...
ترى كم غنوا شعرائنا وكم أنتجوا أدباءنا قصص التاريخ بألوان عديدة ، فهل أسندنا عكاز الروح ؟
هم يصادرون الأرض .. ويصدرون لنا الموت .. القتل ..يحجبون عنا عبير الوطن .. غذاء الروح ، يريدون لنا العيش جسدا بلا روح ، أو ان تذهب بعيدا خلف شمس الغروب .
تجولت في ربوع الوطن رسمت وصفت .. جسدت خفايا التاريخ عبر السطور بلا جواز سفر ، فاخترقت الحدود .
سميح القاسم أوجعتك آلام النكبة والنكسة .. وتراب الوطن المستباح .. وحملت تباعا هم شتات الشعوب ، مابين شتات الواقع والمفهوم .. هم رحيل الشتات .. وتمزق القوميات ، ورحيل أدمية الإنسان كمن هجرته البصيرة كهجرة النور مهجع البصر .
أخي مهما غيروا صور التاريخ فنحن رسمنا صور البيوت والأشجار والطرقات والمصانع وحتى المقابر.. نحن أعدنا رسم خارطة الطرقات ،ونعلم مساحة الوطن .. لن تضللننا مشاهد صور ما شيدوه لأننا في بحر الصدر شيدنا كل خطوة للوطن .
سيكتشف العابرون على هامش التاريخ أننا سنميز الأصل من الصورة مهما غيروا من قشرة الأرض ، وسيشهد العالم كيف نعيد وصل التاريخ ما بين المعاصرة والأصالة ، وببهاء لا يعرفه الغرباء مهما اجتهدت عقولهم وغيرت .
أنا التاريخ لن يعجز عن معرفة لكنة لساني ، وحتى الطيور التي تسبح في سماء قريتي .. ومدينتي فهي مازالت تنتظر بذوري لترقد جواري تلتقط حبات أرزي ، وعدسي ، وحبات القمح الأصفر .
إسرائيل والحق على العرب...
صراع السياسة رسمته وثائق سايكس بيكو ، وصراع الطائرات والمدافع والدبابات رسمت الحدود بعد تقهقر الجيوش .. ومطابع الورق كثر تنتج بطاقة تعريف الشخصية ولكنها تعجز ان تحرف الهوية ، تعجز ان تنتجني بروح وجسد هو من عتق الأرض ترعرع ، فشتان بين البطاقة وجواز السفر وبين مفهوم الهوية ، ولن تستطع كل القذائف ان استكين أو التزم الصمت .
لا يخير الإنس منا في اختيار الجنس بين الأنثى والذكر ، فكيف سأختار الرحيل وبختم بطاقة لأصبح دون وطن ؟! وهل يعقل ان ينال العدو منا في الانتماء والفكر والوجدان والمعتقد؟
لو شاءوا ان يوشموا على أجسادنا نجمة داود وكلمة إسرائيل ، فهي لن تطال العظم ولن تمتزج في نسيج الخلايا ولن تمر في العروق كما الدم للقلب يصل .