رشا كشان:التحاقي بـ «البي . بي. سي» كان أشبه بالمغامرة
تتمتع بحضور جذاب وثقافة عالية ونالت شهادة الاعلام من جامعة الخرطوم، ومن ثم انتقلت لبريطانيا وحازت على شهادات عليا في التحرير التلفزيوني والاذاعي وماجستير في الترجمة أهلتها للالتحاق بالعمل بالقسم العربي لهيئة الاذاعة البريطانية في اواخر العام 4002م ، وتعد رشا كشان المرأة السودانية الوحيدة التي تلتحق بالقسم العربي للهيئة.
قصة التحاق رشا بهيئة الاذاعة البريطانية شبهتها بـ«المغامرة» وذلك لكثير من الملابسات التي صاحبتها، «الرأي العام» جلست إليها، وحاورتها حول مسيرتها الابداعية.. فإلى التفاصيل..
--------------
? رشا.. أنت أول سودانية تلتحق بالقسم العربي لهيئة الاذاعة البريطانية..؟
- سبقتني لهيئة الاذاعة البريطانية الأستاذة زينب البدوي لكنها كانت بالقسم الانجليزي، ثم التحقت بالتلفزيون البريطاني.. لكن في القسم العربي الذي أنشئ في العام 8391م، نعم أنا المرأة السودانية الوحيدة التابعة للقسم العربي.
? سبقك عدد من السودانيين في الالتحاق بالهيئة، إلى أي مدى أعانتك تجاربهم وانت تنوين الالتحاق بالهيئة..؟
- السودانيون الذين التحقوا بالهيئة لهم بصماتهم الواضحة هناك، خذ مثالاً زينب البدوي التي أسهمت بشكل فاعل في الـ ( بي بي سي) كمؤسسة، وفي الاعلام البريطاني بشكل عام، وكذلك كانت هناك العديد من التجارب التي تنتمي للجيل المخضرم، مثل الأستاذ محمد خير البدوي وحسن عباس صبحي وأيوب صديق واسماعيل طه ومعاوية يس، والطيب صالح الذي أنشأ قسم الدراما في الـ«بي بي سي»، وأنا لم أحظ بلقائهم، لكن دون أدنى شك بصماتهم تقبع هناك حتى الآن، وكنت أعتز جداً بوجود سودانيين هناك، وأعطاني ذلك دفعة، في أن ذلك ممكن.
? منذ متى وأنت مهتمة بالعمل الصحفي..؟
- منذ المرحلة المتوسطة كنت أشارك بالكتابة لصحيفة «الأضواء»، وبعدها وأنا في المرحلة الثانوية وأثناء دراستي للجامعة كنت أكتب في صحيفة «الخرطوم»، وكانت الـ«بي بي سي» ذروة سنام الأداء الصحفي بالنسبة لي في ذلك الوقت، وكنت منبهرة بها جداً.
? وأصبح الالتحاق بالـ«بي بي سي» أملاً لك..؟
- كان الأمر أشبه بـ(المغامرة)، فمنذ التحاقي بجامعة الخرطوم ودراستي للصحافة والاعلام كان هدفي أن أصل لمستوى الصحافيين في الـ«بي بي سي»، وتحديداً القسم العربي..
? هل لذلك أسباب معينة..؟
- نعم لعدة أسباب، فقد اشتهر عن صحافييها حدبهم على توخي الحياد، والموضوعية في التناول، وامتلاك ناصية اللغتين العربية والانجليزية باجادة تامة، وكذلك التمكن في الحوار والمجادلة، لذا كانت بالنسبة لي بمثابة مدرسة صحفية كبرى، كثيراً ما تقت للوصول إليها.
? وكيف جاءت خطوات إلتحاقك بالهيئة..؟
- بعد فراغي من الدراسة هنا، توجهت إلى بريطانيا لعمل الماجستير، وكنت أركز على الصحافة المكتوبة، وذلك نسبة لقربها مني بحكم الدراسة، وكذلك كل فترة التدريب التي قضيتها في السودان كانت في الصحافة المكتوبة.. و..
? ذلك يعني أنك لم تفكري في الالتحاق بالصحافة المسموعة أو المرئية..؟
- في بادئ الأمر نعم، فقد درستها لكن لم أتدرب عليها.
? وبعد ذلك..؟
- التحقت بالجامعة وتقدمت للماجستير في الصحافة المكتوبة، وكل خطواتي كانت نحو هذا الفرع، وفي الخطوة الأخيرة كانت هناك معاينة مباشرة مع الأساتذة، وعند سؤالهم لي عن خبراتي، أوضحت لهم طبيعة تدريبي وعملي السابق في التحقيقات الصحافية، فاقترح علىّ أحد الأساتذة الانضمام لقسم الصحافة الاذاعية والتلفزيونية..
? هل وافقت على الفور..؟
- ترددت في بادئ الأمر، لكن الأستاذ أبدى اصراره على ذلك معتمداً على طريقة اجاباتي لبعض أسئلة المعاينة، وطريقة معالجتي لكثير مما طرح عليّ، فوافقت على أن أجرب ذلك، شريطة أن يظل مقعدي في الصحافة المكتوبة شاغراً لمدة اسبوعين..
? اذن ترك لك الخيار بعد الاسبوعين.. لكن هل تعتقدي أنها تكفيك لتحددي فيها اختيارك..؟
- الأمر بدأ لي غريباً في أوله، فمنذ البداية قمنا بالأداء العملي، وأخذنا «المايكات» ونزلنا إلى الشارع وأصبحنا نجري اللقاءات ونحرر التقارير، ونقرأها ونقوم بعمل المونتاج عليها، وفي أقل من أسبوعين، عدت للأستاذ وأخبرته برغبتي في المواصلة، فهذا هو المجال الذي وجدت نفسي فيه أكثر..
? وواصلت التدريب عقب انهائك لفترة الماجستير..؟
- قبل أن أكمل الماجستير سنحت لي فرصة للالتحاق باحدى الاذاعات المحلية، التي كانت تستهدف العالم العربي، وتتبع لوزارة الخارجية البريطانية اسمها «لندن راديو سيرفس»، وكانت متخصصة في نقل أخبار لندن الثقافية والعلمية والفنية والاجتماعية، بعيداً عن السياسة.
? ألم يؤثر ذلك على سير دراستك..؟
- بالعكس.. كنت أقوم باعداد مجلة منوعة أسبوعية، وأفادني ذلك بحيث كنت أطبق كل الأفكار التي أدرسها، والدراسة أصلاً لم تكن عبارة عن كتابة ومتابعة للمراجع، بل كانت عملية للحد البعيد، فساعدني كل ذلك في أن أتقدم في اكتسابي للخبرات التي أعانتني كثيراً في تكوين أفكاري، وطرح رؤاي بالشكل الذي أنا عليه الآن.
? وتقدمت بعد اكمال الماجستير في الانتاج الاذاعي والتلفزيوني إلى الـ«بي بي سي»..؟
=ضاحكة=
? ليس بعد، عملت بعد ذلك في وكالة أنباء «يونايتد برس انترناشونال» وعادت بي قليلاً إلى الصحافة المكتوبة، حيث عملت محررة أخبار، لكن أيضاً أفادتني، لأن العمل الاذاعي هناك يعتمد على أن المذيع هو الذي يقوم بالاعداد، وكذلك بالمونتاج، وحتى هندسة الصوت، فكانت هذه الفترة التي قضيتها بالوكالة تجديداً لنشاطي التحريري السابق.
? كل هذه الفترة لم تفكري فى التقديم للهيئة..؟
- كنت أعرف من كثير ممن هم حولي أن امتحان الالتحاق بـ«بي بي سي» قاسٍ للحد البعيد، ولا توجد أوراق أو مراجع يمكن الاستفادة منها لتجاوز الامتحان لذا كنت أحاول الاستعداد دوماً لمواجهة هذا الامتحان، عبر التدريب المتواصل والاستزادة الفائقة من سبل التأهيل التي أعول عليها لاجتياز هذا الامتحان.
? ومتى أحسست بأنك جاهزة لخوض الامتحان..؟
- لم أتهيب التجربة، ولم يكن الفشل يخيفني، بقدر ما كنت أود الدخول لهذا الامتحان لمعرفة الكيفية التي يتم بها.
? وهل فشلت في تجاوزه..؟
- في المرة الأولى نعم.. لكن استفدت من التجربة بحيث عرفت ما يجب عليّ القيام به، ولم تحبطني التجربة، بقدر ما أعطتني الثقة في أنني سأتجاوزه..
? تتحدثين عن امتحان أشبه بالخرافة..؟
- كما قلت لك هو امتحان قاسٍ للحد البعيد، فالترجمة مثلاً تتطلب منك أن تقوم بترجمة (01) قصص في وقت لا يتجاوز المائة دقيقة، وهي قصص منوعة، فلك، بيئة، رياضة، ولا علاقة لها بالأحداث الجارية في ذلك الوقت، وكذلك اللغة العربية، والتي يجب أن تحرز فيها (09%) لتكون ناجحاً.. وحتى الأداء والصوت.. كل ذلك كان صعباً للغاية.
? وتجاوزته في المرة الثانية..؟
- نعم.. والحمد لله استطعت ذلك وفي أواخر العام 4002م انضممت للقسم العربي لهيئة الاذاعة البريطانية، ولكن قبل ذلك، قمت بعمل ماجستير آخر في الترجمة واللغويات..
? وجاء انضمامك لبرنامج «بي بي سي اكسترا» مباشرة بعد التحاقك بالهيئة..؟
- بدأت في عدد من البرامج المختلفة التي تعنى بمختلف الشؤون العالمية وعملت بالموقع الإلكتروني للهيئة لمدة ستة أشهر، وعند انطلاقة البرنامج كنت من الذين بدأوا به، وحتى الآن لازلت أواصل عملي به.
? رشا نقلت الكثير من الأحداث الاجتماعية والثقافية السودانية عبر البرنامج، هل الأمر يشبه التخصص في الشأن السوداني..؟
- أبداً.. يفترض أن يكون الصحفي مطلعاً على كل الشأن الدولي دونما تحيز لمكان أو مذهب معين..
? لكن ربما هذا الأمر ينفي ميزة التخصصية المطلوبة في الصحفي..؟
- الصحافة تعتمد على شمولية المعرفة، فمثلاً أنا أتابع الرياضة على الرغم من أنني لست من روادها، لكن العمل الصحفي يتطلب الالمام الكامل بكل ما يحدث وفي أي مكان في العالم.
? برنامج «بي بي سي اكسترا» يتحاشى التناول السياسي، هل يا ترى ذلك يتم بقصد..؟
- نعم.. البرنامج لا يعنى بالشأن السياسي، بل هو يعنى بالمواضيع الاجتماعية والثقافية والفنية وربما الرياضية، لكن أحياناً تكون هناك أحداث سياسية لها ارتباطاتها الاجتماعية، وهنا نتناول السياسة كموضوع مرتبط بشيء مما نتناوله أصلاً في البرنامج.
? الاعلامي السوداني.. كيف تنظرين اليه..؟
- الاعلامي السوداني في مختلف ضروب الاعلام متميز جداً وصاحب بداهة وثقافة عالية، وأتمنى أن ينضم المزيد من السودانيين للهيئة، ولمختلف القنوات والوكالات العالمية، فهم لا ينقصهم شيء، وأود أن أنوه إلى أن هناك فرصاً للاعلاميين في الهيئة وذلك عبر القناة الجديدة التي تعتزم الهيئة افتتاحها في القريب العاجل.
?