الاسطورة دلال المغربي تعود الى لبنان على امل دفنها في فلسطين ،تلك العودة التي تاخرت ثلاثين عاما في خضم المجازفة وحتم القتال واستثناء رفاتها في عملية تبادل اسرى . حيث قيل عن رفاتها انها جثتها غير موجودة في مقبرة الارقام التابعة للجيش ومرة قيل ان جثتها مفقودة لكن انتهت تلك التقولات في وجود جثتها في قبر جماعي كانت مدفونة فيه مع اصدقائها الذين قاموا يالعملية الفدائية معها.
فاسمحو لي عبر هذه السطور ان اقول طوبى لهذه الانسانة دلال المغربي تلك هي الشابة الفلسطينية التي ولدت عام 1958 في إحدى مخيمات بيروت لآسرة من يافا لجأت إلى لبنان عقب نكبة عام 1948 حيث تلقت دلال المغربي دراستها الابتدائية في مدرسة يعبد والإعدادية في مدرسة حيفا وكلتاهما تابعة لوكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين في بيروت . التحقت دلال بالحركة الفدائية وهي على مقاعد الدراسة فدخلت عدة دورات عسكرية وتدربت على جميع أنواع الأسلحة وحرب العصابات وعرفت بجرأتها وحماسها الثوري والوطني .
كان عام 1978 عاما سيئا على الثورة الفلسطينية فقد تعرضت إلى عدة ضربات وفشلت لها عدة عمليات عسكرية وتعرضت مخيماتها في لبنان إلى مذابح وأصبح هناك ضرورة ملحة للقيام بعملية نوعية وجريئة لضرب إسرائيل في قلب عاصمتها فكانت عملية كمال العدوان ، وضع خطة العملية أبو جهاد .... وكانت تقوم على أساس القيام بإنزال على الشاطئ الفلسطيني والسيطرة على حافلة عسكرية والتوجه إلى تل أبيب لمهاجمة مبنى الكنيست ومع ذلك تسابق الشباب على الاشتراك فيها وكان على رأسهم دلال المغربي ابنة العشرين ربيعا وتم فعلا اختيارها رئيسة للمجموعة التي ستنفذ العملية والمكونة من عشرة فدائيين بالإضافة إلى دلال ، وعرفت العملية باسم عملية كمال عدوان وهو القائد الفلسطيني الذي قتل مع كمال ناصر والنجار في بيروت وكان باراك رئيسا للفرقة التي تسللت آنذاك إلى بيروت وقتلتهم في بيوتهم في شارع السادات قلب بيروت وعرفت الفرقة التي قادتها دلال المغربي باسم فرقة دير ياسين
في صباح يوم 11 آذار نيسان 1978 نزلت دلال مع فرقتها الانتحارية من قارب كان يمر أمام الساحل الفلسطيني واستقلت مع مجموعتها قاربين مطاطيين ليوصلاها إلى الشاطئ في منطقة غير مأهولة ونجحت عملية الإنزال والوصول إلى الشاطئ ولم يكتشفها الإسرائيليون بخاصة وان إسرائيل لم تكن تتوقع أن تصل الجرأة بالفلسطينيين القيام بإنزال على الشاطئ على هذا النحو نجحت دلال وفرقتها في الوصول إلى الشارع العام المتجه نحو تل أبيب وقامت بالاستيلاء على باص إسرائيلي بجميع ركابه من الجنود كان متجها إلى تل أبيب حيث اتخذتهم كرهائن واتجهت بالباص نحو تل أبيب وكانت تطلق خلال الرحلة النيران مع فرقتها على جميع السيارات العسكرية التي تمر بقربها مما أوقع مئات الإصابات في صفوف جنود الاحتلال بخاصة وان الطريق الذي سارت فيه دلال كانت تستخدمه السيارات العسكرية لنقل الجنود من المستعمرات في الضواحي إلى العاصمة تل أبيب .
بعد ساعتين من النزول على الشاطيء وبسبب كثرة الإصابات في صفوف الجنود وبعد أن أصبحت دلال على مشارف تل أبيب كلفت الحكومة الإسرائيلية فرقة خاصة من الجيش يقودها باراك بإيقاف الحافلة وقتل واعتقال ركابها من الفدائيين، وهنا قامت وحدات كبيرة من الدبابات وطائرات الهليوكوبتر برئاسة باراك بملاحقة الباص إلى أن تم إيقافه وتعطيله قرب هرتسليا،وهناك اندلعت حرب حقيقية بين دلال والقوات الإسرائيلية حيث فجرت دلال الباص بركابه الجنود فقتلوا جميعهم وقد سقط في العملية العشرات من الجنود المهاجمين ولما فرغت الذخيرة من دلال وفرقتها أمر باراك بحصد الجميع بالرشاشات فاستشهدوا كلهم ،انذاك تركت دلال المغربي التي بدت في تلك الصورة وباراك يشدها من شعرها وهي شهيدة أمام المصورين وصية تطلب فيها من رفاقها المقاومة حتى تحرير كامل التراب الفلسطيني .
الفتاة دلال المغربي كاي فتاة عربية شرقية عاشت اولى حياتها بالشكل الاعتيادي بالرغم من خوضها مجال النضال والدفاع عن الوطن الا انها كانت لديها احلام تتمثل بها جميع فتايات جيلها حيث كان الاهل والاقارب في انتظار عودتها حتى يتم زفافها بعد ان كان من المقرر عقد قرانها نهاية عام 1978 ولكن قبل وقت قليل من اقامة حفل الزفاف جرى اختيارها لتنفيذ عملية الساحل خاصة وان حركة فتح رفعت في تلك الفترة رايات العلمانية والمساواة بين الرجل والمرأة لكن مشاركة النساء في العمل المسلح كانت ضئيلة في تلك الفترة الامر الذي اظهر وابرز قصة دلال المغربي وجعلها جزء من الذاكرة الجماعية الفلسطينية .
وما زال يذكر الفلسطينيون صورة جثة دلال المغربي الملقاة على ارض الساحل مرتدية ملابس الكوماندو واهود باراك الذي قاد العملية العسكرية الاسرائيلية المضادة يقف عليها ويحاول فحص ما في جعبتها العسكرية اكثر مما يتذكرون وجهها ،حظيت الصورة بتغطية واسعه جدا في مختلف الصحف العربية في ذلك الوقت وعادت هذه الايام لتحتل مكانة مرموقه على شاشات التلفزة وصفحات الصحف تحت عنوان هذا دم الشهيدة دلال المغربي يا باراك هل تذكره ؟
لحظة استشهاد دلال كانت صعبة وقاسية ونجحت دلال في تفجير الباص الذي كان يقل جنودا قتل اكثر من ثلاثين جنديا عام 1978 ،وحين نفذت ذخيرة دلال ورفاقها اصدر اهود باراك اوامره بقتلهم ونجحت دلال المغربي قبل استشهادها بقول عبارة النضال سيستمر حتى تحرير كامل فلسطين .
ادفنوني عميقا في ارض فلسطين
قبل خروجها لتنفيذ العملية تركت دلال المغربي خلفها وصية توصي بها عائلتها دفنها داخل الارض الفلسطينية واوصت الفلسطينيين عموما وقالت اطلب منكم التسمك بالبندقية وتوجيهها دائما الى صدر العدو عليكم تجميد خلافاتكم وتعزيز النضال ضد اسرائيل .
عادت رفات دلال المغربي في تاريخ 16\7\2008 الى لبنان بعد ثلاثين عاما على امل ان تدفن في فلسطين فهل سيتحقق حلمها بعد ثلاثين عاما؟!
متمنين من الله عز وجل ان تتحقق وصية دلال وتغرس رفاتها في ارض فلسطين كما هي محفورة في قلوبنا كالنقش على الحجر ،طوبى لهذه الانسانة التي خاضت معركة شهدة لها العالم تلك الفتاة الاسطورة التي لقبها البعض بالجنرال الفلسطيني ومنهم من لقبها بالجوكندا وبعروسة فلسطين ، هذه الفتاة القضوى لفتيات جيلها ونساء المسلمين عامة اللهم اجعل مثواها الجنة ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون.