غزة-دنيا الوطن-دنيا عيسى
"نزلوا إلينا من السماء"،"أنقذونا"،"هم ملائكة الرحمة بالفعل"..بهذه الكلمات البسيطة والعفوية وبكثير من الدعوات وعبارات الشكر عبر أهالي غزة المكلومين عن سعادتهم وعميق امتنانهم لطاقم المستشفى الميداني الأردني المتواجد في القطاع منذ قرابة الشهر.
وبعيون تملؤها السعادة والحب للأخوة الذين جاؤوا ليضمدوا جراحهم وجه أهل غزة التحية للأردن الشقيق قيادة وشعبا تقديرا وعرفانا بهذه الوقفة المشرفة للأردن..
الدكتور زهران بدير مدير المستشفى تحدث لدنيا الوطن عن اهتمام القيادة الأردنية بإرسال المستشفى منذ اليوم الثالث للحرب على غزة وحرصها البالغ على أن يتم تجهيزه بأعلى المواصفات الفنية والكفاءات الطبية.
وقال د.بدير أن المستشفى تم تجهيزه ليحتوي على 17 اختصاص بكافة أنواع الجراحات والتخصصات الرئيسية والفرعية ، كالجراحة العامة والأعصاب والدماغ والأطفال وجراحة الصدر والقلب والأوعية الدموية والمسالك البولية وكذلك جراحة التجميل والأنف والأذن والحنجرة والوجه والكفين والعيون.
وأضاف د.بدير أن المستشفى مجهز بكافة التجهيزات الطبية التي تحتاجها جميع الاختصاصات الطبية الموجودة.بالإضافة إلى الكادر التمريضي والتزويدي والإداري المتكامل الذي بلغ عدده الـ 180.
إقبال هائل وجهد جبار
بعد اقل من36 ساعة على وصول الطواقم الأردنية فتح المستشفى أبوابه لاستقبال المرضى الذي توافدوا على المستشفى بشكل منقطع النظير.
د.زهران بدير قال بأن الأعداد التي تم استقبالها بلغت12 ألف حالة حيث تم إجراء 570 عملية منها 160 عملية كبرى منذ اقل من شهر على وصول المستشفى.
وأكد د.بدير أن العمليات والحالات التي يتم استقبالها ليست محصورة على إصابات الحرب ، وان المستشفى يتعامل مع جميع الحالات المرضية التي تصل إليه دون استثناء بالإضافة إلى عيادة الطوارئ الجاهزة لاستقبال المرضى على مدار 24 ساعة.
وأوضح د.بدير أن كل عيادة اختصاص تتعامل مع ما يقارب 60 -70 مريض يوميا بشكل ضرب جميع الأرقام القياسية حيث لايتجاوز الحد الأقصى الذي تستقبله عيادات الاختصاص في العالم أكثر من 25 مريض في اليوم ، إلا أن همة وعزيمة الكادر الطبي الموجود عالية جدا والجميع يعمل بحب وإخلاص غير آبهين بالتعب حيث تتخطى ساعات العمل ال8 ساعات لتصل إلى 14 ساعة متواصلة يوميا.
التحويلات للخارج
تم الاتفاق بين المستشفى الأردني والقطاعات الطبية الموجودة في القطاع على أن يتم عرض جميع الحالات التي تحتاج للتحويل إلى الخارج على المستشفى قبل تحويلها .ويؤكد د.بدير أن 50% من العمليات التي أجراها المستشفى أي ما يقارب 300 عملية كان يفترض أن يتم تحويلها للخارج ،بسبب نقص الإمكانات الطبية وعدم القدرة على إجراء العمليات في مستشفيات القطاع.
وبالإضافة إلى اجراء هذه العمليات تم التعامل مع بعض الحالات الاخرى من خلال الاستشارت الطبية والأدوية حيث لم يكن يلزمها أكثر من ذلك.
ويرى د.بدير أن هذا اسقط أعباء كبيرة عن كاهل المواطنين وحتى عن القطاع الطبي نفسه في غزة.
تدريب فريق فلسطيني
من جهة أخرى أفاد المستشفى الأردني القطاع الطبي في غزة ، من حيث إمداده بالخبرات التدريبية ، حيث يقوم المستشفى الأردني بتدريب كوادر طبية فلسطينية من بعض الاختصاصات حيث يضم الفريق الذي يتم تدريبه حاليا في المستشفى الأردني 11 طبيبا وصيدلي واثنين من الممرضين.
لحظات صادقة
يشعر المواطنون في غزة بكثير من الامتنان والحب العميق تجاه ما تقدمه الأردن والشعب الأردني من خلال المستشفى الميداني الأردني في غزة حيث يلف الدفء والعفوية والصدق لقاء المواطنين بالبعثة الطبية الأردنية.
يقول د.بدير :"لقد تأثرنا كثيرا بالترحاب الذي لاقيناه من أهلنا في القطاع ، كان لقاء مؤثرا جدا منذ بداية دخولنا ، لقد كان ترحيبا عفويا ومنقطع النظير ، شاهد الناس سيارات تدخل إلى القطاع ولم يكونوا على علم بسبب دخولها ، أو ماهيتها ، لكن بعد قليل انتبهوا أنها المستشفى الميداني الأردني ، فكانت ردة فعل جميلة وعفوية".
ويضيف :"جاءنا أطفال المدارس وفرق كشفية قدموا لنا هدايا على شكل لوحات واهداءات تذكارية للمستشفى وقد عبروا بعفوية وبكلمات بسيطة أسعدتنا كثيرا".
ويتحدث د.زهران عن بعض الحالات التي أثرت في العاملين في المستشفى من بينها الطفلة أميرة القرم التي استشهد أهلها أمامها وبقيت تنزف لمدة يومين : "لقد بقيت أميرة هنا 10 أيام ،أجريت لها عملية ترقيع للجلد والعملية كانت ناجحة ، اليوم غادرت ،كانت سعيدة جدا ونحن أيضا كنا سعداء جدا بها".
ويتحدث د.بدير عن حالة أخرى:" هناك حالة شعرنا أنها لولا رحمة الله وتصادف وجودنا هنا لفقد المريض حياته ، لقد كان مصابا في جدار القلب ويعاني من نزيف على القلب ، كانت حالته سيئة جدا وتم نقله من خان يونس إلى مستشفى الشفاء ، فاتصل بنا الأطباء الساعة 12 ليلا وقالوا بان حالته لا تسمح بنقله للمستشفى الأردني فتوجهنا نحن لمستشفى الشفاء برفقة جراح القلب وطبيب التخدير وممرض عمليات وأدوات الجراحة وقمنا بإجراء عملية له وتم نقله صباح اليوم التالي إلى هنا ، وقد غادر الأسبوع الماضي وعاد واحضر لنا لوحات شكر وحلويات ".
ويضيف د.بدير "باقي العمليات معتادين على إجرائها ، لكنا شعرنا بأننا نقدم خدمة كبيرة للناس ، اليوم قمت بإجراء عملية لطفلة كانت يفترض أن يتم تحويلها للخارج وكانت بعد العملية في حالة ممتازة وكانت أسرتها سعيدة جدا ".
سعادة بالغة
دنيا الوطن تجولت في أقسام المستشفى والتقت بعض المرضى وأسرهم الذين ابدوا سعادة بالغة وفرحة صادقة بوقفة الأردن الشقيق والخدمات الطبية الممتازة التي يتلقونها.
والدة الفتاة هبه عبد السلام التي كانت تعاني من تشوهات في الحلق والأنف منذ ولادتها ، قالت لدنيا الوطن " لقد عرضنا حالة هبه على عدد من الوفود الطبية الأجنبية التي كانت تصل إلى القطاع وتم إجراء عدة عمليات لها في الحلق والأنف وقد استدعى علاجها سفرنا الدائم إلى مصر لمتابعة علاجها رغم عدم مقدرتنا على ذلك ، حالتها كانت تحتاج لإجراء عملية لا يمكن إجراؤها داخل القطاع ، عرضنا حالتها على د.عبد الوهاب وريكات في المستشفى الأردني الذي أجرى لها عملية زراعة عظم في الفك ،مستأصل من أعلى الفخذ".
وتضيف والدة هبه : " لا ندري كيف نقدم لهم شكرنا ، لقد وفروا علينا عناء السفر واختصروا المسافات ، لقد قدموا لشعبنا خدمة كبيرة . المعاملة هنا رائعة ، والجميع هنا يبذلون جهد كبير ، يعملون بشكل متواصل وكبير، حتى رغم انتهاء ساعات عملهم يستمرون في العمل حتى الانتهاء من علاج أخر مريض متواجد في المكان ولا يؤجلون أي حالة لليوم التالي ، نشكرهم ونشكر جلالة الملك لقد أنقذونا بالفعل".
إلى جانب هبه يرقد الطفل معاذ نبهان 3 سنوات ، يعاني من ضمور في الدماغ أجريت له عملية لوجود ورم في الذراع حيث تم تحويله من مستشفى شهداء الأقصى في النصيرات إلى المستشفى الأردني ، والدة معاذ تلحظ تحسنا على معاذ وقد وصفت معاملة الأطباء بالممتازة.
جميلة الضاني عانت من إجراء عدة عمليات لها وتعرضها للتعذيب في أقبية التحقيق لدى الاحتلال الإسرائيلي بعد عملية ولادة قيصرية في أواخر الثمانيات سبب لها مشاكل صحية بالغة ، أجريت لها عملية زراعة أنسجة .
جميلة بدت سعيدة جدا بالاستقبال الدافئ الذي لاقته من الأطباء والعاملين في المستشفى وبسهولة حصولها على موعد للعملية. تقول جميلة : "الأطباء هنا يعملون "بذمة وضمير وإنسانية" والممرضون هم ملائكة رحمة بالفعل ، اشعر كأنهم نزلوا علينا من السماء ، نشكرهم ونشكر ملكهم وشعبهم ، لقد نقلوا إلي وحدات دم أتوا بها من الأردن ، اشعر بالفعل بأنهم يقومون بمساعدة أهلهم".
والدة الطفلة بيسان التي لم تبلغ عامها الثاني والتي تم إجراء عملية زراعة حالب لها قالت لدنيا الوطن : "لقد سلمتها للأطباء وأنا مطمئنة جدا".
بيسان نشأت بينها وبين الممرض نجيب هلال القادم من المدينة الطبية في الأردن صداقة رائعة ، حيث يتردد نجيب على غرفة بيسان من وقت لآخر ويداعبها مرددا "لقد أصبحنا أصدقاء".
نجيب الذي كون صداقات جميلة مع المرضى بدفء حضوره وابتسامته الدائمة قال : "لم نشعر بغربة لأننا بين أهلنا .. الأردن وفلسطين وطن واحد".
متصفحك لا يدعم الجافاسكربت أو أنها غير مفعلة ، لذا لن تتمكن من استخدام التعليقات وبعض الخيارات الأخرى ما لم تقم بتفعيله.