قالت وزيرة الدولة الإيطالية للشؤون الخارجية ، ستفانيا كراكسى ، إن التهدئة التي جرت بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية لم يكن ليتم التوصل إليها من دون الجهد المصري.
وصرحت كراكسى في حديث خاص مع مجلة (الوطن العربي) إلى أن الوضع ما زال هشًا في لبنان حتى بعد توقيع اتفاق الدوحة.
وأكدت أن حضور إيطاليا فى العراق يقتصر على بناء مؤسسات الدولة العراقية ، وأن إيطاليا تسعى من أجل احتواء الأزمات فى منطقة الشرق الأوسط.
وحول إيران ، قالت الوزيرة الإيطالية : إنه ليس في استطاعتها استبعاد تمامًا حدوث هجمة عسكرية على إيران إلا أن الطريق الوحيد للخروج من هذا المأزق هو الحل السياسي.
وهذا هو نص الحديث من مجلة (الوطن العربي) :-
كيف تُقيمين الوضع الآن فى لبنان خاصة أنه حتى بعد انتخاب الرئيس عاد التوتر وما زالت هناك صدامات بين الموالاة والمعارضة؟
- كنا نأمل أنه عقب توقيع اتفاق الدوحة أن يتخذ لبنان الطريق الصحيح الذى يؤدى إلى طريق السلام والاستقلال والاستقرار والتنمية ولكننا للأسف، نلاحظ أن هذه المسيرة تواجهها صعوبات، والصراع بين مختلف الزعماء اللبنانيين ما زال قائمًا ويعوق مسيرة الاستقرار لذلك أرى أن الوضع ما زال هشًا للغاية وآمل أن يتجه لبنان فى النهاية إلى تحقيق بعض الاستقرار.
كيف ترين الاتفاق الأمنى الذى تم الحديث عنه وقد يعقد قبل نهاية هذا العام بين العراق والولايات المتحدة؟
- كما تعلمين، حضور إيطاليا فى العراق الآن يقتصر على الدور الذى تقوم به من أجل بناء مؤسسات الدولة العراقية، وأنا حقيقة لا أعرف الشروط التى سوف يتم على أساسها عقد هذا الاتفاق بين العراق والولايات المتحدة ولا أعلم إذا كانت هناك إمكانية لأن ينسحب الأميركيون من العراق وإذا ما كان هذا الانسحاب سوف يسفر عن مآس أخرى، ولكن ما أعتقده هو أنه على الغرب أن يستمع لما يقوله العالم العربى، والعالم العربى يطلب الدعم لكنه يرفض التدخل فى شؤونه ويجب علينا احترام ذلك.
وكيف تُقيمين الأوضاع الراهنة فى العراق؟
- أرى أن الظروف تتحسن بالنسبة لمعدل العنف، وعلينا أن نتذكر أن رئيس الوزراء الإيطالى قد ذهب مرتين لأميركا كى يثنى بوش عن شن الحرب ولكن بالطبع كان دون جدوى ولا أعرف الآن هل إذا خرجت أميركا من العراق سيكون الأمر الحسن أم لا؟
هل تعتقدين أن الأمور سوف تتحسن بين إسرائيل وفلسطين بعد اتفاق التهدئة الذى رعته مصر؟
- تلك التهدئة لم يكن ليتم التوصل إليها بدون العمل الجاد والمثمر الذى قامت به مصر والتى كرست له كل اهتمام وجهد وفى هذا الصدد أريد أن أنقل شكر وتقدير حكومتى الكبير للجهد المصرى.
أما بخصوص التهدئة فأنا أرى أن الوضع القائم بين إسرائيل وفلسطين هو وضع هش للغاية ويتعين أن يتدخل شركاء وأطراف آخرون لتقوية هذه التهدئة أو الوضع القائم حاليًا وجعلها تصمد، لابد من القيام بدور أكبر فى هذه القضية وتقديم مبادرات فعلية وملموسة من قبل الطرفين.
وأين دور إيطاليا فى هذه القضية الفلسطينية وفى منطقة الشرق الأوسط؟
- دور إيطاليا فى المنطقة مهم، ونسعى من أجل احتواء الأزمات، والدفع باتجاه الاستقرار وذلك بفضل علاقاتنا الجيدة وقدرتنا على الحوار مع جميع الأطراف المعنية فى المنطقة وأؤكد لك أننى أشعر بهويتى الأوروبية بنفس القدر الذى أشعر به بهويتى المتوسطية، وإيطاليا تتعامل مع الأزمات الموجودة فى منطقة البحر المتوسط كما لو كانت مشكلاتها الخاصة. فنحن واعون ومدركون تمامًا أن منطقة البحر المتوسط هى مهد الحضارات ومهد الأديان السماوية الثلاثة، ونريد أن يسود هذه المنطقة السلام والتبادل بين الثقافات المختلفة ويتعين علينا أن نقيم حوارًا دائمًا بيننا ونحترم بعضنا البعض ونحترم أيضًا الاختلاف، لأن الاختلاف يثرى الحضارات.
هل تعتقدين أن إسرائيل وأميركا قد يقومان بشن هجمة عسكرية على إيران؟
- لا أعتقد، ولكن ليس فى استطاعتى استبعاد تمامًا حدوث مثل ذلك الأمر المأساوى، فسيكون الأمر بالفعل مأساويًا وكارثيًا إن حصل ذلك.
وأعتقد أن الطريق الوحيد الذى يمكننا من خلاله الخروج من هذا المأزق هو الاتجاه إلى المبادرات الدبلوماسية والسياسية.
وبالنسبة لمبادرة ساركوزى، كيف تقيم إيطاليا هذه المبادرة؟
- مشروع الرئيس الفرنسى ساركوزى يعد فكرة جيدة، ولكن على الجانب الآخر لها مخاطر.
مثل ماذا؟
- أى محاولة للعب دور مهيمن من جانب ساركوزى فى المنطقة وهناك أيضًا مخاطر من أن تسفر هذه المبادرة الجديدة عن فشل آخر شبيه بالفشل الذى واجهته عملية برشلونة، وبوجه عام، أعتقد أنه من أجل عمل شراكة وتعاون بين شمال وجنوب المتوسط يجب أن تحتوى هذه المبادرة على مشروعات ذات جدوى وقابلة للتنفيذ ولذلك يتعين وجود التزام من جانب جميع الأطراف، فمشروع ساركوزى مشروع مفتوح للغاية، ولكى نتجنب فشله يجب على كل منا أن يُقدم مساهمته وإلا سوف يقتصر المشروع على كونه مجرد فكرة جميلة.
على ضوء انعقاد مؤتمر الغذاء فى روما منذ عدة أسابيع كيف ترين الخروج من هذه الأزمة ؟
- أزمة الغذاء تحتاج إلى تضافر الجهود الدولية ممثلة فى الدول المنتجة للمواد الغذائية وزيادة حجم الاستثمارات الزراعية لمواجهة هذه المشكلة التى أصبحت تهدد الملايين من البشر فى ظل العجز الغذائى الذى يواجه الدول الفقيرة فى إفريقيا التى تعانى من المشكلة مثلما تعانى منها أوروبا .
وللأسف فإن مؤتمر الفاو الذى عقد فى روما وكان يهدف إلى الحد من تفاقم هذه الأزمة وإيجاد حلول عاجلة لها لم يسفر عن مبادرات ونتائج كبيرة لكن تم اعتباره نصف فشل.
وأعتقد أنه يقع على عاتق أوروبا والغرب مسؤولية كبيرة لأن أوروبا لم تقدم أى شىء عندما كانت تتمتع بالرفاهية كى تقلل من الفجوة الموجودة بين شمال وجنوب العالم. ويجب على أوروبا أن تتدارك تقصيرها فى الماضى.
أما على الجانب العملى، فيجب أن يكون هناك مبادرات تعاون على الصعيد الغذائى الزراعى وإرسال معونات غذائية إلى الأماكن الفقيرة.
كيف تقيمين العلاقات المصرية - الإيطالية على كافة الأصعدة؟
- العلاقات المصرية - الإيطالية علاقة ثرية سواء على المستوى الثنائى أو على صعيد التعاون الوثيق حول السياسة الخارجية والموضوعات والقضايا الرئيسية فى العالم.
والعلاقات بيننا وبين مصر تشهد تقدمًا مطردًا وتتسم بالقوة والتقارب المستمر وتوافق يرتكز على رؤية مشتركة نسعى لتقويتها من منطلق قناعتنا بأن مصر محور جهود السلام فى الشرق الأوسط.
وأيضًا العلاقات الاقتصادية والتجارية بين مصر وإيطاليا تحظى بمكانة هامة، فقد بلغ حجم التبادل التجارى خلال العام الماضى 2007 أكثر من 4 مليارات يورو بزيادة نسبية تُقدر بـ 7% وإيطاليا تعد أحد شركاء مصر كما أنها أكثر البلدان الأوروبية استثمارًا فى مصر خاصة فى القطاع الاستراتيجى فى البترول والغاز، سواء فى عمليات التنقيب أو استخراج البترول.
وإذا كانت الدولتان مصر وإيطاليا قد وقعتا منذ أسابيع قليلة اتفاقًا للتعاون الثنائى فهذا لم يكن من قبيل المصادفة فتاريخ كل من مصر وإيطاليا يتلاقى مع بعضهما البعض منذ آلاف السنين - يمكن أن نعود بالذاكرة إلى قصة أنطونيو وكيلوباترا.
نحن نشعر أن الحكومة المصرية بالفعل حكومة صادقة كما أشرت إلى أن مستوى التبادل التجارى والاقتصادى والثقافى جيد للغاية ونحن نشارك مصر الرؤية بشأن الموضوعات المطروحة على الساحة كما أننا نتشارك فى التاريخ الماضى للبحر المتوسط وأيضًا نتشارك معها فى مستقبل تاريخ المتوسط.
ما تقييمكم للدور المصرى بمنطقة الشرق الأوسط؟
- مصر بالفعل تعد محور مبادرات تعزيز السلام والاستقرار فى منطقة الشرق الأوسط والعالم كله يعترف بمكانتها الجوهرية ودورها المحورى الذى لا بديل عنه فى المنطقة.
الأحد يونيو 26, 2011 7:49 pm من طرف arafat
