انقشعت الزوبعة .. فما المطلوب من "العدالة والتنمية"؟
05.08.08 16:15
يقول الأستاذ الدكتور"أسر قاراقاش" أن حزب العدالة والتنمية يجب عليه التشدد من أجل الحريات والانتخابات تبرأه من واقعة قضية الإغلاق
طارق حافظ – تايم تورك
ويستطرد قاراقاش الاستاذ الدكتور بجامعة "باهتشه شهير" قائلا أن هناك صراع بين القضاء والإقتصاد في تركيا اليوم ولكنه من المؤكد سينتهي لأن نظاما قضائيا مثل هذا لايمكن أن يدير دولة يبلغ حجم دخلها القومي تريليون دولار. والمشكلة أن الذين لايريدون الانضمام الى الاتحاد الاوروبي لا يدافعون عن الجمهورية وإنما يدافعون عن نظام ديكتاتوري فتركيا بشكلها الحالي ليست جمهورية وإن تم حشوها ببعض شعارات الديمقراطية ودولة سيادة القانون إن تركيا مثلها مثل روسيا ليست جمهورية بالمعنى المفهوم بل ديكتاتورية تبحث عن الديمقراطية.
ويضيف " لا يوجد في تركيا نظام قضائي قائم على العدالة أوالثقة ، لذلك هناك الكثير من المشاكل لم تحل فكل قرار قضائي تقريبا يؤثر سلبا ويضفي غموضا على السياسة والاقتصاد ولعل دعوى إغلاق حزب العدالة والتنمية لهي خير دليل على ذلك فالمحكمة الدستورية قبلت بكون الحزب الحاكم "معاد للعلمانية" ولكنها لم تغلقه ، فهذا الوضع وحده كاف لإختلاط الامور في هذا البلد."
إقرار المحكمة وقرارها متعارضان
"فمن ناحية كيف سيستطيع حزب حاكم متهم أن يواصل إدارة البلاد وهل إقرار المحكمة بموجود تهمة وقرارها بعدم العقوبة سيعطي مشروعية لهذا الحزب مع تعارض الاثنين – الاقرار والقرار- وما هو المطلوب من الحزب الان عمله. مما لاشك فيه أن تركيا تمر بمرحلة تطبيع مع نفسها فلو كان الحزب أغلق لمثل هذا عائقا كبيرا أمام التطبيع في تركيا لأن نظام القضاء الاوروربي الذي تلتزم به تركيا – طبقا لإتفاقيات متعددة – لايمكن أن يقبل ام يجد من الطبيعي إغلاق حزب حصل قبل سنة واحدة فقط على 47 % من أصوات الناخبين وينبذ العنف في منهجه هذا من ناحية."
أثار الإغلاق كارثية
من ناحية أخرى فإن إغلاق الحزب لم يكن ليخلق كارثة سياسية وإنما كارثة على مستوى الفرد ، فالأزمة السياسية التي كانت ستحدث كان سيتم تفاديها بعد فترة زمنية ما ولكن في تلك الفترة كان الإقتصاد سيصاب في مقتل فالنمو سيتضائل وستزداد سرعة الفقر وسيترتب على ذلك بطالة بنسبة كبيرة وفي بلد مثل تركيا يعاني أصلا من البطالة يمكن أن يتصور حجم الكارثة على مستوى الفرد ، قرار المحكمة الدستورية أنقذ تركيا من على شفا الهاوية .
قرار المحكمة مربك وإن كان صائبا
ولكن يجب أن نتوقف هنا عند نقطة هامة ، فعندما يتخذ 6 أعضاء من 11 عضو قضائي عال قرارا بإغلاق حزب سياسي في هذا العصر يظهر لنا ذلك حقيقة أن الحقوقيين في هذا البلد أصبح بينهم وبين النظام القضائي العالمي هوة عميقة من الصعب تداركها إلا بإصلاح قضائي على نفس مستوى الهوة. فالذهنية القضائية في تركيا لا تزال تحكم هذا البلد بالقوانين المحلية المغلقة ، بالرغم من أن الدستور التركي يسمح لهم بإستخدام مواد القانون الدولي او الاوروربي خاصة فيما يتعلق بقضايا حقوق الانسان لكنهم لا يفعلون بالرغم من أن تركيا جزء من نظام الحقوق الاوروبي حسب الإتفاقيات التي وقعتها قبلا .
معركة تركيا اليوم معركة المجتمع المغلق والمتفتح
إن معركة تركيا اليوم يمكن أن نبسطها في كلمتين الاتراك مجتمع منغلق على نفسه ومضى عليه وقت طويل هكذا والان يجب على هذا المجتمع أن ينفتح سواء رضي ام لم يرضى . العولمة وثورة الاتصالات والتقدم التكنولوجي الهائل يفرض على تركيا والاتراك أن ينفتحوا هناك من يرفض ذلك ويرغب في أن تحكم تركيا بشكل منغلق ولكن تيار التغيير أقوى بكثير ولن يصمد الرافضون فالمجتمع نفسه يرغب الان في التغيير والانفتاح.
المطلوب من حزب العدالة الان تشدد من أجل الحريات
حزب العدالة والتنمية يجب عليه التقارب مع الاخرين في المسائل السياسية فمثلا عدد العاملين بالجيش او مجلس الحكماء او الميزانية كلها مسائل سياسية يجب على الحزب الحاكم أن بتقارب مع الاخرين لحلها أما القضاء فلا تقارب ولا تنازل فيه ، لو تنازل العدالة والتنمية فيما يتعلق بالقضاء أو الإصلاحات الدستورية فيكون ذلك بداية النهاية لهذا الحزب ،
فعلها أتاتورك من قبل
فكما أتى أتاتورك بكل مواد القانون المدني والتجاري من اوروبا عند إنشاء الجمهورية التركية ، يجب على تركيا اليوم أن تفعل مثلما فعل أطاتورك سابقا ، يجب على الحزب اليوم أن يفعل ذلك لا تقارب ولا تنازل عندما يتعلق الامر بالحقوق العامة والحريات فعلى تركيا أن تأخذ بقوانين وإجتهادات محكمة حقوق الانسان الاوروبية والاتحاد الاوروبي كما هي دون تعديل او روتوش المطلوب من الحزب تشدد من أجل الحريات والحقوق العامة.
ضمانة الحزب الوحيدة إطلاق الحريات على النمط الاوروبي
ما حدث للحزب في الاشهر القادمة يمكن أن يحدث مرة أخرى ولذلك أرى أن المخرج والضمانة الوحيدة للحزب الان هو أن يأخذ بالحقوق العامة والحريات الاوروربية فلو فعل ذلك لن يتهمه أحد بمعاداة العلمانية ، لان مشروعيته و مرجعيته ستكون معاهدة حقوق الانسان الاوروبية .
مسيرة العضوية يجب أن تستمر
يجب على الحزب الان أن ينعش مسيرة عضوية تركيا في الاتحاد الاوروربي كما فعل عند قدومه للحكم عام 2003 ويجب عليه إعداد مسودة الدستور المدني لان الدستور الحالي أصبح باليا ولايمكن به إدارة البلاد والقضاء .. يجب على الحزب إجراء تعديلات دستورية تحسن من النظام القضائي وتجعل منه عنصر إستقرار سياسي وإقتصادي وليس عنصر خلق أزمات وغموض مستقبلي.
الانتخابات ترفع عنه الحرج
لقد خرج الحزب من تلك الواقعة مصاب وملطخ وكان قرار المحكمة أيضا عامل إختلاط للناخب فهو لايعلم هل الحزب مذنب ام لا ولكن الكل مجمع على أن الحزب قد أصيب بإهتزاز الثقة فيه ولكي يكمل مسيرته بقوة وعنفوان يجب عليه تجديد ثقة الشعب به لذلك على الحزب إجراء إنتخابات عامة في أقرب وقت ممكن حتى ينقي نفسه مما علق به من إتهامات وليؤكد للآخر وقوف الاغلبية معه فتكون خطواطه الإصلاحية أفضل وأكثر رسوخا م