أصدرت محكمة الجنايات العسكرية الأولى بدمشق حكما غيابيا بالأشغال الشاقة المؤبدة على عبد الحليم خدام النائب السابق للرئيس السوري.
وجرمت المحكمة السورية عبد الحليم خدام بعدد من الجرائم منها الاتصال بإسرائيل.
وكان المحامي حسام الدين الحبش قال لوكالة فرانس برس السبت أن "المحكمة العسكرية الجنائية الأولى بدمشق برئاسة العميد القاضي محمد قدور أسد أصدرت قرارها رقم 406 تاريخ 17 آب/أغسطس الحالي بالإجماع بالحكم على خدام 13 حكما بالسجن لمدد مختلفة أشدها الأشغال الشاقة المؤبدة مدى الحياة".
وفي باريس أكد احد أفراد عائلة نائب الرئيس السوري في اتصال هاتفي مع وكالة الأنباء الفرنسية أنه لم يتم إبلاغه الحكم.
وأدين خدام بحسب نص الحكم الذي تسلمت فرانس برس نسخة عنه بتهم "المؤامرة على اغتصاب سلطة سياسية ومدنية وصلاته غير المشروعة مع العدو الصهيوني والنيل من هيبة الدولة ومن الشعور القومي وأشدها دس الدسائس لدى دولة أجنبية لدفعها العدوان على سورية التي عوقب عليها بالمؤبد".
ووجهت المحكمة العسكرية إلى خدام عدة اتهامات وهي "الافتراء الجنائي على القيادة السورية والإدلاء بشهادة كاذبة أمام لجنة التحقيق الدولية بشأن مقتل رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري وإنجاز كتابات وخطب لم تجزها الحكومة السورية".
كما اتهمته "بالمؤامرة على اغتصاب سلطة سياسية ومدنية وصلاته غير المشروعة مع إسرائيل والنيل من هيبة الدولة ومن الشعور القومي وأشدها دس الدسائس لدى دولة أجنبية لدفعها للعدوان على سورية التي عوقب عليها بالمؤبد".
وكان خدام انشق عام 2005 بعد انتقاده السياسة الخارجية السورية لا سيما في لبنان، واس في منفاه عام 2006 جبهة الخلاص الوطني التي تضم معارضين سوريين أبرزهم جماعة الأخوان المسلمين.
وقد دعا خدام إلى العمل على التغيير السلمي في سورية والى بناء دولة ديمقراطية حديثة في سورية تقوم على أساس المواطنة.
ولا يتمتع عبد الحليم خدام بشعبية واسعة في الشارع السوري، بسبب معلومات عن تورطه هو وأولاده في قضايا فساد، وعدم معارضته للنظام أو العمل لإصلاحه والدعوة إلى الديمقراطية إلا بعد أن قلص الرئيس السوري الحالي من صلاحياته فيما يعرف بعملية التخلص التدريجي من شخصيات الحرس القديم التي تمتعت بنفوذ واسع خلال حكم والده.
وتجدر الإشارة إلى أن حزب البعث الحاكم في سورية كان قد قرر في ديسمبر/كانون الأول عام 2005 طرد خدام من عضويته وطالب بأن يحاكم بتهمة الخيانة العظمى وذلك في أعقاب حديث أدلى به خدام إلى قناة العربية الفضائية وتضمن انتقادات صريحة للقيادة السورية.
وكان مجلس الشعب السوري قد أوصى أيضًا بأن تتم محاكمة خدام بتهمة الخيانة العظمى واتهم نواب فيه خدام بالخيانة والعمالة "لأعداء سورية" وطالبوا بمحاكمته أمام الشعب وشطب اسمه من قوائم هيئة المحامين واعتبروا أن تصريحاته تأتي ضمن الضغوط التي تمارس على سورية.
وكان خدام قد وجه انتقادات غير مسبوقة للقيادة السورية. وقال إنها ارتكبت مجموعة من الأخطاء، كما قال أن لديه الكثير والخطير ليقوله في الوقت المناسب.
وقال خدام أن رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري تلقى الكثير من التهديدات من جانب سورية ومن الرئيس السوري شخصيا قبل اغتياله في بيروت في فبراير/شباط عام 2005، مشيرا إلى أن الحريري استدعي إلى دمشق أثناء ترؤوسه للحكومة في لبنان وأن الأسد وجه إليه كلاما شديد القسوة.
ورآى نائب الرئيس السوري السابق عبد الحليم خدام أمس السبت أن حكم الأشغال الشاقة المؤبدة الذي صدر بحقه غيابيا في دمشق يعبر عن "حالة الاختناق" التي يعيشها النظام السوري و"عزلته الداخلية".
وقال خدام في بيان تعليقا على حكم الأشغال الشاقة المؤبدة الذي أصدرته بحقه غيابيا المحكمة العسكرية الجنائية بدمشق أن هذا الحكم "يعبر عن حالة الاختناق والقلق والضيق التي يعيشها النظام في سورية بسبب عزلته الداخلية وكره المواطنين للنظام الذي حول سورية إلى سجن كبير وزاد في معاناة شعبها بسبب استبداده وفساده".
وأكد خدام في البيان الذي أصدره مكتبه الصحافي وتلقت وكالة فرانس برس نسخة عنه أن "هذا الأجراء وغيره لن يرهبه ولن يفقده عزيمته".
وانتقد خدام في بيانه ما ورد في الحكم القضائي عن أجرائه "اتصالات بدولة أجنبية وتحريضها على القيام بعدوان ضد سورية دون أن يحدد هذه الدولة والوقائع المزعومة" متهما النظام السوري بأنه "يفرط باستقلال وسيادة وكرامة سورية مستخدما القمع في حمايته واستمراره".
كما رد خدام على اتهامه بالاتصال بإسرائيل بالقول أن "السوريين والرأي العام العربي يعرفون الدور الذي تقوم به إسرائيل لحماية النظام الحاكم الفاسد والمستبد والضغوطات التي تمارسها من اجل فك عزلته وفتح باب الحوار معه".
وأكد خدام بعد لجوئه إلى باريس أنه "على قناعة تامة" بان الرئيس السوري بشار الأسد "أعطى أمر" اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري في شباط/فبراير 2005.
وتجدر الإشارة أن خدام كان أحد أعمدة النظام السوري خلال حكم الرئيس السوري السابق حافظ الأسد، وكان مسؤولاً عن الملف اللبناني خلال تلك الفترة، كما أصبح لفترة قصيرة رئيساً لسورية بحكم الدستور بعد وفاة حافظ الأسد، وقبل تسلم الرئيس الحالي بشار الأسد السلطة في سورية. ..... عرفات سالم الخطيب